أُماهُ يا نَبْعَ حَنِينِي وَحُبِّي وَدَمْعَةٌ أَنِينِيِ
كَمْ أَتَمَنَّى أَنْ تَكُونِي مَعِيَ الآنَ وَتَسْمَعِينِيِ

كَمْ أَتَمَنَّى أَنْ أَهْدِيَكِ عُمْرِي لِتَسَامَحِينِيِ
فَأَنْتِ مِنْ أَعْطَتْنِي قَبْلَ أَنْ تَرَاهَا عُيُونِيِ

وَأَنْتِ مِنْ أَحَبَّتْنِي بِقَدْرِ كُلِّ مَنْ أَحَبُّونِيِ
وَإِنْ نَعِمْتُ بِحُبِّكِ يَوْمًا فَأَنْتِ مِنْ عَلَّمْتِينِيِ

كَيْفَ الْحُبُّ وَالْعَطَاءُ وَلِهَذَا يَصْبُوا أَنِينِيِ
لِقَلْبِ أَحَبَّنِي بِسَخَاءٍ وَعَيْنًا بَاتَتْ تَحْمِينِيِ

وَلَكِنَّ كَيْفَ وَأَنَا سَجِينُ الْهَمِّ بَعْدَمَا فَارَقْتِينِيِ
ذَهَبَ الْحُبُّ وَالْأَمَانُ وَظَلَّ الدَّمْعُ يُكَوِّينِيِ

وَاشُوقَاهُ لِحُبٍّ وَحَنَانٍ مِنْ قَلْبٍ كَانَ يَحْوِينِيِ
ثُمَّ آهٍ مِنْ نَارٍ فِي قَلْبِي وَفِرَاقٍ بَاتَ يُكَوِّينِيِ

آهٍ لِدُنْيَا دَوْمَا بِهَمِّهَا تَلاحَقُنِي وَلا تَعْفِينِيِ
آهُ مِنْ غُرْبَتِي بَيْنَ صَحْبَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا يُؤْذِينِي

آهُ مِنْ حَيَاةٍ بِلاَ أَمَانِ بَعْدَ مَا تَرَكْتِينِي
هَمِّي يُثْقِلُنِي وَيَا لَيْتَ شَعْرِيَ أَنْ تَسَامَحِينِي

فَأَنَا مِنْ أَضَاعَ حَقًّ مَنْ كَانَتْ تَمُوتُ لِتُحْيِينِي
مَنْ كَانَتْ تُضْحَى بِرَبِيعِ عُمْرِهَا لِتَحْمِينِي

مَنْ كَانَتْ بِكُنُوزِ الدُّنْيَا كُلَّهَا تُفَدِّينِي
لعُمْرِيِّ أَنَّى أُحِبُّبِتكَ وَلِطَالِمَا عَذَبَنِي حَنِينِي

وَبِلَيْلِي وَنَهَارِي أَشْتَاقُ لِقُرْبِكَ لأَشْكُوَا أَنِينِي
وَلَكِنَّ قَدْرَنَا الْفِرَاقَ قَدْرَنَا نَشْتَاقُ يَا نُورَ عَيْونِي

نَعَمْ تَرَكْتِينِي، وَلَكِنَّنِي أَتَخَيَّلُكِ مِنَ الْجَنَّةِ تُنَادِينِي
عَسَانَا بِهَا دِيَارُنَا وَبِالسَّلاَمِ وَالْحُبِّ تَقَابَلِينِي

فَهُنَاكَ شَوْقٌ بِلاَ فِرَاقٍ وَهُنَاكَ أَبداً لَنْ تَتْرُكِينِي
إشْتَقْتُ لِسُؤَالِكَ عَنِّي بِبَعْدِي وَغُرْبَتِي لِتَوَاسِينِي

فَلَطَالَمَا أحٌسستُ أَنِّي طِفْلًا عِنْدَمَا تَضُمِّينِي
وَكَمْ عَفَتْ عَيْنَاكِ الْمُنَامَ عِنْدَ مَرْضَى تُرَافِقِينِي

وَكُلَّمَا سَافَرْتُ كُنْتُ بِحَرِّ الدَّمْعِ تُودَعِينِي
وَعِنْدَ عَوْدَتِي كُنْتُ بِدَمُوعِ الْفَرَحِ تَقَابَلِينِي

وَلا تَنْعَمِينَ بِنَوْمٍ حَتَّى يَزُورَ النَّوْمُ جُفُونِي
وَلا تَفْرَحِينَ حَتَّى يَحُلَّ السُّرُورُ عَلَى جَبِينِي

وَإِذَا ضَحِكْتُ شَارَكْتِينِي بِدُونِ أَنْ تَسْأَلِينِي
وَإِذَا بَكَيْتُ لِلْحَظَّةِ بَكَيْتِ لِتَسَانَدِينِي وَتَوَاسِينِي

تَعْفِينَ قَبْلَ أَنْ أَتُوبَ وَإِذَا أَخْطَأْتُ تَعْذُرِينِي
مَنْ مَدْحَنِي صَدَقْتِيهِ وَإِنْ جَعَلْنِي نَسِيْمَ الرِّيَاحِيْنَ

وَمَنْ ذَمَّنِي كَذِبْتِيهِ مِنْ دُونِ أَنْ تُرَاجِعِيْنِيْ
أَنَا قَضَيْتُكَ الْكُبْرَى وَقَصَّتُكَ الْجَمِيْلَةَ أَنْ تَذَكَّرِينِيْ

تَحْسُنِيْنَ إِلَى وَتَعْتَذِرِيْنَ عَنِ التَّقْصِيْرِ يَا حَنِينِيْ
تَذُوبِيْنَ عَلَى شَوْقاً وَتُرِيْدِيْنَ الْمَزِيْدَ يَا نَبْعَ أَنِيْنِيْ

لَيْتَنِيْ أَغْسِلُ بِدُمُوْعِ الْوَفَاءِ قَدَمَيْكَ يَا نُوْرَ عَيْنِيْ
لَيْتَنِيْ أَحْمِلُ فِيْ مَهْرِجَانِ الْحَيَاةِ نَعْلَيْكَ لِتَسَامَحِينِيْ

ويَالَيْتَ الْبَأْسُ قَصَدَنِيْ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكَ يَا شُجُوْنِيْ
آه مِنْ زَمَانٍ حَرَمَنِيْ مِنْ رَدِّ إِحْسَانِكَ بِحَنِينِيْ

فَمَا عُدْتُ أَمْلِكُ إِلاَّ الدُّعَاءَ عَلَى طُوْلِ سِنِيْنِيْ
أُمَّاهُ كُلِّيْ حَيَاءٌ وَفِيْ عَيْنِيْ دَمْعُ الْوَفَاءِ فَأَعْذَرِينِيْ